""تـحقيق المطــالب فى الــذب عن ثـعلبة بن حـاطب""
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
أما بعد ....... فنظرآ لإنتشار قصة الصحابى الأنصارى البدرى المظلوم والمفترى عليه الصحابى الجليل ثعلبة بن حاطب رضى الله عنه وذيوعها بين الناس والقصة كما تعلمون مشهورة فى كتب التفاسير وعلى ألسنة الخطباء والوعاظ والقصة مفادها بإختصار" أن رجلآ يقال له ثعلبة بن حاطب وكان ملقبآ بحمامة المسجد أتى النبى صلى الله عليه وسلم وقال له إدعُ الله أن يرزقنى مالآ قال : قليل تؤدى شكره خير من كثير لاتطيقه فدعا له النبى صلى الله عليه وسلم فرزقه الله غنما كثيرة وبدأ يتخلف عن الجمعة والجماعات وعلم الرسول بأمره فأرسل اليه يطلب منه زكاة ماله فبخل بها فأنزل الله فيه قوله تعالى:{ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين} إلى قوله تعالى:{....وبما كانوا يكذبون} (التوبة اّية رقم75إلى77 ) وأراد ثعلبة التوبة وأداء الزكاة فرده الرسول ولم يقبل منه الزكاة ومات الرسول ثم أرسل بها فى خلافة أبى بكر وعمر وعثمان فلم يقبلها أحدآ منهم وهلك فى خلافة عثمان " هذه هى القصة بإختصار, وبإختصار رأيت أنه من الواجب المحتم أن أُبين سقوط سند هذه القصة ونكارة متنها ذباً عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وتأكيداَ على عدالتهم وتنويهاَ بعظيم مقامهم وتذكيراً للمسلمين بحفظ ألسنتهم وضبط عباراتهم عن عرض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
أقول مستعيناً بالله :
أولا : جاءت القصة من ثلاث طرق وكلها طرق واهية جداَ ومنكرة لما فيها من متروكين وكذابين وضعفاء ومن هو منكر الحديث ومن لاتحل الرواية عنه كما صرح بذلك جهابذة الحديث.
ثانيا : أقوال العلماء والحفاظ والمحدثين والمفسرين والثقات الأثبات من أهل العلم فى بطلان هذه القصة :
1. قال الإمام ابن حزم رحمه الله : فى" المحلى" بعد ذكر القصة [وهذا باطل بلا شك]. وضعفها ايضا فى "جوامع السيرة".
2. قال الإمام السيوطى : فى" أسباب النزول" [ سندها ضعيف].
3. قال الحافظ : فى "تخريج الكشاف"[ سندها واه] وقال الحافظ بن حجر: فى" الفتح"(ج3ص بعد ذكر القصة[ لكنه حديث ضعيف لايحتج به].
4. قال الحافظ الذهبى : فى" تجريد أسماء الصحابة " [إنه حديث منكر]؛ وضعفها أيضا فى" ميزان الإعتدال".
5. قال الهيثمى : فى" مجمع الزوائد" ( ح7ص32 ) [رواه الطبرانى وفيه على بن يزيد الألهانى وهو متروك].
6. قال المناوى : فى "فيض القدير" ( ج4ص527)[ قال البيهقى : فى إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير]؛ وأشار المناوى فى "الإصابة" إلى عدم صحة هذا الحديث وقال:[ لا أظنه يصح وثعلبة بدرى].
7. قال الحافظ العراقى : فى" تخريج الإحياء" (ج3ص338) [ سندها ضعيف وساقها بقوله : ما رواه الطبرانى ].
8. ضعفها محمد بن طاهر فى" تذكرة الموضوعات".
9. وضعفها السهيلى فى" الروض الأنف" كما فى" تخريج الكشاف للزيلعى" ( ج2).
10. ضعفها الإمام القرطبى فى" الجامع لإحكام القران" ( ج8ص210) [ وقال : ثعلبة بدرى أنصارى ممن شهد بدرا ومن شهد له الله ورسوله بالإيمان فما روى عنه غير صحيح].
11. قال العلامة محدث اليمن مقبل بن هادى الوادعى : فى مقدمة كتابه "الصحيح المسند من أسباب النزول" مبيناً التساهل فى نقل مالم يثبت فى كتب التفسير ومخالفة القصة لإصل من أصول الشريعة.
12. ضعفها العلامة أحمد شاكر فى تعليقه على الطبرى.
13. ضعفها العلامة المحدث محمد ناصرالدين الألبانى فى" ضعيف الجامع".
14. أنكرها وبين بطلانها الشيخ سليم الهلالى فى كتابه" الشهاب الثاقب فى الذب عن ثعلبة بن حاطب".
15. أنكرها وبين بطلانها وخرج أحاديثها فضيلة الشيخ الدكتور على حشيش استاذ الحديث وعلومه بمعاهد إعداد الدعاه ومدير إدارة الدعوة والإعلام بأنصار السنة المحمدية بمصر فى كتابه "تحذير الداعية من القصص الواهية" ( ج1ص280ط دار العقيدة).
16. انكرها وبين بطلانها فضيلة الشيخ يوسف محمد بن إبراهيم العتيق فى كتابه" قصص لاتثبت القصة" (الثالثة ج1).
17. قال العلامة السعدى : فى تفسيره المسمى" بتيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان" وقال : [القصة لايصح أسنادها إلى النبى وفى متنها نكارة].
18. وطائفة كبيرة جدا من أهل العلم لامجال هنا لذكرهم طلبا للإختصار.
ثالثا : بعض أوجه بطلان القصة ونكارتها ومخالفتها لنصوص القران والسنة.
1- سند القصة منكر لايثبت بحال.
2- القصة مخالفة لنصوص الشرع الثابتة فى القران والسنة الدالة على قبول توبة العبد مالم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها والقصة تفيد عكس ما صرح به القرآن وصرحت به السنة فى التعامل مع العصاة والتائبين.
3- مخالفتها للأحاديث الثابتة الواردة فى حكم مانع الزكاة فقد روى أحمد وأبو داود والحاكم من رواية بهز بن حكيم وفيها{ ...... ومن منعها" يعنى الزكاة" فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا عز وجل ليس لآل محمدٍ منها شئ} قال الحاكم: صحيح الاسناد ووافقه الذهبى وحسنه الألبانى فى" إرواء الغليل" ( ج3ص263 برقم 791) فالقصة فيها نسف لمبدأ عظيم من مبادئ الإسلام وهو إجبار مانعى الزكاة على دفعها حتى لو أدى ذلك إلى حربهم.
4- القصة لم ترد فى الكتب الصحاح ولا المسانيد ولا السنن والقصة تتعلق بحكم شرعى وهو حكم مانعى الزكاة ولو كانت القصة صحيحة لنقلت إلينا نقلآ صحيحا وقد نقل ما دونها.
5- أن ثعلبة بن حاطب شهد بدرآ مع الرسول صلى الله عليه وسلم بإتفاق أهل السير كما نقل ذلك ابن عبد البر فى" الإستيعاب" وابن الإثير فى" أسد الغابة" والقرطبى فى" الجامع" وابن حزم فى" المحلى" وابن هشام فى" سيرة بن كثير" وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : كما عند البخارى { لعل الله إطلع إلى أهل بدر فقال إعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم} وقال صلى الله عليه وسلم : { لايدخل النار أحدا شهد بدرا والحديبية} والقصة تفيد بأن ثعلبة قد أعقبهُ الله نفاقاً فى قلبه إلى يوم القيامة ولم يقبل منه توبته وهذا باطل بلاشك لمصادمته لصحيح السنة وصريح القرآن.
وفى النهاية نداء أوجهه إلى كل مسلم أقول له: إتق الله فى أصحاب رسول الله واعلم بأن رواية هذه الرواية حرام لاتجوز إلا إذا ذكرتها لتبين للناس بطلانها ونكارتها؛ وأسأل الله أن يرزقنا الفقه فى الدين وأن يحشرنا يوم القيامة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم أجمعين.
أخى الحبيب :ـ
للوقوف على طرق القصة وتخريج وتحقيق أسانيدها وكلام أهل العلم في بيان بطلانها بالتفصيل والراجح من أقوال العلماء فى أسباب نزول الايات الواردة فى القصة أُحيلك إلى كتاب" تحذير الداعية من القصص الواهية" للدكتور على حشيش.
وكتاب "الشهاب الثاقب فى الذب عن ثعلبة بن حاطب" للشيخ سليم الهلالى.
وغيرها من المصادر التى وردت فى هذا البحث المتواضع.
والحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
وكتبه وراجع مادته الفقير الي عفو ربه محمد العسكري